فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ} حال من الناس أو من ضمير {يفتنون} [العنكبوت: 2] ، وعلى الأول يكون علة لإنكار الحسبان أي أحسبوا ذلك وقد علموا أن سنة الله تعالى على خلافه ولن تجد لسنة الله تعالى تبديلًا، وعلى الثاني بيانًا لأنه لا وجه لتخصيصهم بعدم الافتتان، وحاصله أنه على الأول تنبيه على الخطأ، وعلى الثاني تخطئة، والمراد بالذين من قبلهم المؤمنون أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أصابهم من ضروب الفتن والمحن ما أصابهم فصبروا وعضوا على دينهم بالنواجذ كما يعرب عنه قوله تعالى: {وَكَأَيّن مّن نَّبِىّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا استكانوا} [آل عمران: 146] الآيات.
وروى البخاري. وأبو داود. والنسائي عن خباب بن الأرث قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد لقينا من المشركين شدة فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصدقه ذلك عن دينه» {فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُوا} أي في قولهم آمنا {وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين} في ذلك؛ والفاء لترتيب ما بعدها على ما يفصح عنه ما قبلها من وقوع الامتحان، واللام واقعة في جواب القسم، والالتفات إلى الاسم الجليل لإدخال الروعة وتربية المهابة، وتكرير الجواب لزيادة التأكيد والتقرير، ويتوهم من الآية حدوث علمه تعالى بالحوادث وهو باطل.
وأجيب بأن الحادث تعلق علمه تعالى بالمعدوم بعد حدوثه، وقال ابن المنير: الحق أن علم الله تعالى واحد يتعلق بالموجود زمان وجوده وقبله وبعده على ما هو عليه، وفائدة ذكر العلم هاهنا وإن كان سابقًا على وجود المعلوم التنبيه بالسبب على المسبب وهو الجزاء فكأنه قيل: فوالله ليعلمن بما يشبه الامتحان والاختبار الذين صدقوا في الإيمان الذي أظهروه والذين هم كاذبون فيه مستمرون على الكذب فليجازين كلًا بحسب علمه فيه، وفي معناه ما قاله ابن جني: من أنه من إقامة السبب مقام المسبب، والغرض فيه ليكافئن الله تعالى الذين صدقوا وليكافئن الكاذبين وذلك أن المكافأة على الشيء إنما هي مسببة عن علم، وقال محيي السنة: أي فليظهرن الله تعالى الصادقين من الكاذبين حتى يوجد معلومًا لأن الله تعالى عالم بهم قبل الاختبار.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وجعفر بن محمد والزهري رضي الله تعالى عنهم {فَلَيَعْلَمَنَّ} بضم الياء وكسر اللام على أنه مضارع أعلم المنقولة بهمزة التعدية من علم المتعدية إلى واحد وهي التي بمعنى عرف فيكون الفعل على هذه القراءة متعديًا لاثنين والثاني هنا محذوف أي فليعلمن الله الذين صدقوا منازلهم من الثواب وليعلمن الكاذبين منازلهم من العقاب وذلك في الآخرة، أو الأول محذوف أي فليعلمن الله الناس الذين صدقوا وليعلمنهم الكاذبين أي يشهدهم هؤلاء في الخير وهؤلاء في الشر، والظاهر أن ذلك في الآخرة أيضًا، وقال أبو حيان: في الدنيا والآخرة، وجوز أن يكون ذلك من الإعلام وهو وضع العلامة والسمة فيتعدى لواحد أي يسمهم بعلامة يعرفون بها يوم القيامة كبياض الوجوه وسوادها، وقيل: يسمهم سبحانه بعلامة يعرفون بها في الدنيا كقوله عليه الصلاة والسلام: «من أسر سريرة ألبسه الله تعالى رداءها».
وقرأ الزهري الفعل الأول كما قرأ الجماعة، والفعل الثاني كما قرأ علي كرم الله تعالى وجهه وجعفر والزهري رضي الله تعالى عنهم.
{أَمْ حَسِبَ الذين يَعْمَلُونَ السيئات أَن يَسْبِقُونَا} قال مجاهد: أي يعجزونا فلا نقدر على مجازاتهم على أعمالهم والانتقام منهم وأصل السبق الفوت، ثم أريد منه ما ذكر وقيل: أي يعجلونا محتوم القضاء، والأول أولى.
وفسر قتادة على ما أخرجه عنه عبد بن حميد وابن جرير {السيئات} بالشرك والجمع باعتبار تعدد المتصفين به وإطلاق العمل على الشرك سواء قلنا إنه ما كان عن فكر وروية كما قيل: أو عن قصد كما قال الراغب: أم لا لا ضير فيه لأنه يكون بعبادة الأصنام وغيرها، وقيل: المراد بالسيئات المعاصي غير الكفر فالآية في المؤمنين قطعًا، وهم وإن لم يحسبوا أن يفوتوه تعالى ولم تطمع نفوسهم في ذلك لكن نزل جريهم على غير موجب العلم وهو غفلتهم وإصرارهم على المعاصي منزلة من لم يتيقن الجزاء، ويحسب أنه يفوت الله عز وجل.
وعمم بعضهم فحمل السيئات على الكفر والمعاصي، وتعليق العمل بها بناءً على تسليم تخصيصه بما سمعت يحتمل أن يكون باعتبار التغليب، وظاهر الآثار يدل على أن هذه الآية نزلت في شأن الكفرة، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: يريد سبحانه بالذين يعملون السيئات الوليد بن المغيرة وأبا جهل والأسود والعاصي بن هشام وشيبة وعتبة والوليد بن عتبة وعتبة بن أبي معيط وحنظلة بن وائل وأنظارهم من صناديد قريش، وفي البحر أن الآية وإن نزلت على سبب فهي تعم جميع من يعمل السيئات من كافر ومسلم، والظاهر أن {أَمْ} منقطعة بمعنى بل التي للإضراب بمعنى الانتقال وهو انتقال من إنكار حسبان عدم الفتن لمجرد الإيمان إلى إنكار حسبان عدم المجازاة على عمل السيئات.
قال ابن عطية: {أَمْ} معادلة للهمزة في قوله تعالى: {أَحَسِبَ} [العنكبوت: 2] وكأنه سبحانه قرر الفريقين، قرر المؤمنين على ظنهم أنهم لا يفتنون، وقرر الكافرين الذين يعملون السيئات في تعذيب المؤمنين وغير ذلك على ظنهم أنهم يسبقون نقمات الله تعالى ويعجزونه انتهى.
ورد بأنها لو كانت معادلة للهمزة لكانت متصلة والتالي باطل لأن شرط المتصلة أن يكون ما بعدها مفردًا نحو أزيد قائم أم عمرو أو ما هو في تقدير المفرد نحو أقام زيد أم قعد وجوابها تعيين أحد الشيئين أو الأشياء وبعدها هنا جملة؛ ولا يمكن الجواب هنا أيضًا بأحد الشيئين فالحق أنها منقطعة والاستفهام الذي تشعر به إنكاري لا يحتاج للجواب كما لا يخفى، والظاهر أن الحسبان متعد إلى مفعولين وأنَّ {أَن يَسْبِقُونَا} ساد مسدهما.
وجوز الزمخشري هنا أن يضمن معنى التقدير فيكون متعديًا لواحد وإن يسبقونا هو ذلك الواحد، وتعقبه أبو حيان بأن التضمين ليس بقياس ولا يصار إليه إلا عند الحاجة إليه {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أي بئس الذي يحكمونه حكمهم ذلك على أن ساء بمعنى بئس و{مَا} موصولة و{يَحْكُمُونَ} صلتها، والعائد محذوف وهي فاعل ساء، والمخصوص بالذم محذوف أو بئس حكمًا يحكمونه حكمهم ذلك على أن ما موصوفة ويحكمون صفتها والرابط محذوف وهي تمييز وفاعل ساء ضمير مفسر بالتمييز والمخصوص محذوف أيضًا.
وقال ابن كيسان: {مَا} مصدرية، والمصدر المؤول مخصوص بالذم فالتمييز محذوف، وجوز كون ساء بمعنى قبح وما إما مصدرية أو موصولة أو موصوفة، والمضارع للاستمرار إشارة إلى أن دأبهم ذلك أو هو واقع موقع الماضي لرعاية الفاصلة وكلا الوجهين حكاهما في البحر، والأول أولى، وعندي أن مثل هذا لا يقال: إلا في حق الكفرة. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

يقول الفقير: من لطفه الابتلاء لأنه لتخليص الجوهر من الكدورات الكونية وتصفية الباطن من العلائق الإمكانية.
ومن مجده وعظمته خضع له كل شيء فلا يقدر أن يخرج عن دائرة التسخير ويمتنع عن قبول الابتلاء.
وفي الألف إشارة أخرى وهي استغناؤه عن كل شيء واحتياج كل شيء إليه كاستغناء الألف عن الاتصال بالحروف واحتياج الحروف إلى الاتصال به.
{أَحَسِبَ النَّاسُ} الحسبان بالكسر الظن كما في القاموس.
وقال في المفردات: الحسبان هو أن يحكم لأحد النقيضين أحدهما على الآخر.
نزلت في قوم من المؤمنين كانوا بمكة وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام فكانت صدورهم تضيق لذلك ويجزعون فتداركهم الله بالتسلية بهذه الآية.
قال ابن عطية: وهذه الآية وإن كانت نزلت بهذا السبب في هذه الجماعة فهي في معناها باقية في أمة محمد موجود حكمها بقية الدهر.
{أَن يُتْرَكُوا} أي يهملوا سادّ مسدّ مفعولي حسب لاشتماله على مسند ومسند إليه {أن} أي لأن {يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ} أي والحال أنهم {لا يُفْتَنُونَ} لا يمتحنون في دعواهم بما يظهرها ويثبتها أي أظنوا أنفسهم متروكين بلا فتنة وامتحان بمجرد أن يقولوا آمنا بالله يعني أن الله يمتحنهم بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة ورفض الشهوات ووظائف الطاعات وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ليتميز المخلص من المنافق والراسخ في الدين من المضطرب فيه ولينالوا بالصبر عليه عوالي الدرجات فإن مجرد الإيمان وإن كان عن خلوص لا يقتضي غير الخلاص من الخلود في العذاب.
وفي التأويلات النجمية: {أَحَسِبَ النَّاسُ} يعني: الناسين من أهل الغفلة والبطالة {أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا} بالتقليد والجهالة بمجرد الدعوى دون المطالبة بالبلوى.
{وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} بأنواع البلاء لتخليص إبريز الولاء فإن البلاء للولاء كاللهب للذهب وإن المحبة والمحنة توءمان فلا مميز بينهما إلا نقطة الباء وبه يشير إلى أن أهل المحبة إذا أوقعوا أنفسهم كنقة الباء تحتها تواضعًا رفعهم الله كالنقطة فوق النون ومن تكبر وطلب الرفعة والعلو في الدنيا كالنقطة فوق النون وضعه الله بالذلة كالنقطة تحت الباء.
وقيل: عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان فمن زاد قدر معناه زاد قدر بلواه كما قال عليه السلام: «يبتلى الرجل على حسب دينه» وقال: «البلاء موكل بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل» فالعافية لمن لا يعرف قدرها كالداء والبلاء لمن يعرف قدره كالدواء فالبلاء على النفوس لإخراجها من أوطان الكسل وتصريفها في أحسن العمل والبلاء على القلوب لتصفيتها من شين الرين لقبول نقوش الغيوب والبلاء على الأرواح لتجردها بالبوائق عن العلائق والبلاء على الأسرار في اعتكافها في شاهد الكشف بالصبر على آثار التجلي إلى أن يصير مستهلكًا فيه باقيًا به وإن أشد الفتن حفظ وجود التوحيد لئلا يجري عليه مكر في أوقات غلبات شواهد الحق فيظن أنه هو الحق ولا يدري أنه من الحق ولا يقال أنه الحق وعزيز من يهتدي إلى ذلك انتهى.
قال ابن عطاء: ظن الخلق أنهم يتركون مع دعاوي المحبة ولا يطالبون بحقائقها وحقائق المحبة هي صب البلاء على المحب وتلذذه بالبلاء فبلاء يلحق جسده وبلاء يلحق قلبه وبلاء يلحق سره وبلاء يلحق روحه وبلاء النفس في الظاهر الأمراض والمحن وفي الحقيقة منعها عن القيام بخدمة القوي العزيز بعد مخاطبته إياها بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} وبلاء القلب تراكم الشوق ومراعاة ما يرد عليه في الوقت بعد الوقت من ربه والمحافظة على أقواله مع الحرمة والهيبة وبلاء السر هو المقام مع من لا مقام للخلق معه والرجوع إلى من لا وصول للخلق إليه وبلاء الروح الحصول في القبضة والابتلاء بالمشاهدة وهذا ما لا طاقة لأحد فيه.
{الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: من قبل الناس وهم هذه الأمة ومن قبلهم هم الأنبياء وأممهم الصالحون يعني أن ذلك سنة قديمة إلهية مبنية على الحكم والمصالح جارية في الأمم كلها فلا ينبغي أن يتوقع خلافها وقد أصابهم من ضروب الفتن والمحن ما هو أشد مما أصاب هؤلاء فصبروا كما يعرب عنه قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قاتَلَ مَعَه رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَآ أَصَابَهُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: 146].
وفي الحديث: «كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فينفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظم ولحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه» {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} معنى علمه تعالى وهو عالم بذلك فيما لم يزل أن يعلمه موجودًا عند وجوده كما علمه قبل وجوده أنه يوجد.
والمعنى فوالله ليتعلقن علمه تعالى بالامتحان تعلقًا حاليًا يتميز به الذين صدقوا في الإيمان بالله والذين هم كاذبون فيه مستمرون على الكذب ويرتب عليه أجزيتهم من الثواب والعقاب ولذلك قيل: المعنى ليميزن أو ليجازين يعني أن بعضهم فسر العلم بالتمييز والمجازاة على طريق إطلاق السبب وإرادة المسبب فإن المراد بالعلم تعلقه الحالي الذي هو سبب لهما.
قال ابن عطاء: تبين صدق العبد من كذبه في أوقات الرخاء والبلاء فمن شكر في أيام الرخاء وصبر في أيام البلاء فهو من الصادقين ومن بطر في أيام الرخاء وجزع في أيام البلاء فهو من الكاذبين.
وفي التأويلات النجمية: يشير إلى أن صدق الصادقين وكذب الكاذبين الذي عجن في تخمير طينتهم لا يظهر إلا إذا طرح في نار البلاء فإذا طرح فيها تصاعدت منها روائح الصبر وفوائح الشكر عن عود جوهر الصادقين أو بضده يصعد من الضجر وكفران النعمة وشق جوهر الكاذبين وأنهم في البلاء على ضروب منهم من يصبر في حال البلاء ويشكر في حال النعماء وهذه صفة الصادقين ومنهم من ضجر ولا يصبر في البلاء ولا يشكر في النعماء فهو من الكاذبين ومنهم من يؤثر في حال الرخاء ولا يستمتع بالعطاء ويستروح إلى البلاء فيستعذب مقاساة الضر والعناء وهذا أحد الكبراء انتهى.
واعلم أن البلاء كالملح يصلح وجود الإنسان بإذن الله تعالى كما أن الملح يصلح الطعام وإذا أحب الله عبدًا جعله للبلاء غرضًا أي هدفًا وكل محنة مقدمة لراحة ولكل شدة نتيجة شريفة.
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} أي: الكفر والمعاصي فإن العمل يعم أفعال القلوب والجوارح.
{أَن يَسْبِقُونَا} أصل السبق التقدم في السير ثم تجور به في غيره من التقدم أي يفوتونا ويعجزونا فلا نقدر على مجازاتهم على مساويهم وهو سادّ مسدّ مفعولي حسب لاشتماله على مسند ومسند إليه وأم منقطعة بمعنى بل والهمزة وبل ليس لإبطال السابق لأن إنكار الحسبان الأول ليس بباطل بل للانتقال من التوبيخ بإنكار حسبانهم متروكين غير مفتونين إلى التوبيخ بإنكار ما هو أبطل من الحسبان الأول وهو حسبانهم أن يجاوزوا بسيئاتهم وهم وإن لم يحسبوا أنهم يفوتونه تعالى ولم يحدثوا نفوسهم بذلك لكنهم حيث أصروا على المعاصي ولم يتفكروا في العاقبة نزلوا منزلة من يحسب ذلك كما في قوله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَه أَخْلَدَهُ} [الهمزة: 3] {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي: بئس الحكم الذي يحكمونه حكمهم ذلك فحذف المخصوص بالذم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{الم (1)}.
تقدم القول في معاني أمثالها مستوفى عند مفتتح سورة البقرة.
واعلم أن التهجي المقصود به التعجيز يأتي في كثير من سور القرآن وليس يلزم أن يقع ذكر القرآن أو الكتاب بعد تلك الحروف وإن كان ذلك هو الغالب في سور القرآن ما عدا ثلاث سور وهي فاتحة سورة مريم وفاتحة هذه السورة وفاتحة سورة الروم.